دبي، الإمارات العربية المتحدة – 12 نوفمبر 2024- يشهد العالم اليوم تحولاً جذرياً مع تنامي استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته بصورة متسارعة ضمن مختلف القطاعات الاقتصادية، إذ أصبح عنصراً أساسياً في دعم التحول نحو اقتصاد أكثر نمواً واستدامة، من خلال مساهمته في زيادة الإنتاجية، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وتطوير حلول مبتكرة لمواجهة التحديات البيئية والاجتماعية المختلفة. ويسهم تطور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الابتكار في مجالات مثل؛ الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، والرعاية الصحية، والتعليم وغيرها من المجالات الحيوية.
وإدراكاً منها لإمكانياته وفوائده الكبيرة، اتجهت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة إلى تسخير الذكاء الاصطناعي وتوظيفه بأفضل طريقة ليكون عاملاً محورياً وفعّالاً في تعزيز الابتكار كأداة لتحقيق التنمية المستدامة. وقد اعتمدت المؤسَّسة بذلك على مبادراتها وفعالياتها الرائدة التي تُمثل منصاتٍ متكاملة لدعم هذا التوجه، ومن أبرزها؛ “قمَّة المعرفة” و”مؤشِّر المعرفة العالمي”، مبادرة “مهارات المستقبل للجميع” وتقارير استشراف مستقبل المعرفة التي تم إعدادها من قبل الشريك الاستراتيجي للمؤسَّسة – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – باستخدام الذكاء الاصطناعي وغيرها.
الذكاء الاصطناعي محرك للنمو الاقتصادي المستدام
ومع الطفرة الرقمية التي شهدها العالم منذ بداية الألفية الجديدة، والتغيرات السريعة التي رافقتها، ظهرت العديد من التقارير والبحوث التي تناولت تحليل مسارات وجوانب التطور الرقمي الهائل، والذي يعد الذكاء الاصطناعي أهم عناصره. إذ صدر حديثاً تقرير عن مركز دبي للسلع المتعددة يتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في توليد ما يصل إلى 15 تريليون دولار أميركي في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، في زيادةٍ تعزى إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحسين الإنتاجية، وخفض التكاليف، وتسريع ابتكار منتجات وخدمات جديدة بسرعةٍ غير مسبوقة.
وتنظر الحكومات والدول والمنظمات للذكاء الاصطناعي منذ ظهوره كأداة نوعية يمكن توظيفها في مجالات متعددة لتحقيق التنمية المستدامة من خلال مساهمته في الحدّ من التلوث البيئي، وتحسين استخدام الموارد الطبيعية، وتطوير قطاعات حيوية مثل التعليم، والصحة، والنقل وغيرها. وعلى سبيل المثال، تظهر تقارير مؤسَّسة Capgemini، إحدى أكبر الشركات العاملة في مجالات خدمات تكنولوجيا المعلومات في العالم، أنَّ الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 16% بحلول عام 2030 في بعض القطاعات.
تحسين الإنتاجية والكفاءة التشغيلية
في ظل التقلبات العالمية المتسارعة والمتواصلة، وَجدت قطاعات كبرى على مستوى العالم في الذكاء الاصطناعي المحرك الدافع لتعزيز نموها الاقتصادي والحفاظ على استدامته، فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ تحول قطاع الصناعات التحويلية إلى استخدام الروبوتات المتقدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة الإنتاجية والتشغيلية وتقليل التكاليف. ووفقاً لدراسة قامت بها شركة ماكينزي McKinsey، تبين أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يزيد الإنتاجية بنسبة تصل إلى 30% في بعض الصناعات.
وباتت الشركات قادرة على تحسين كفاءة العمليات وتقليل الأخطاء البشرية، وبالتالي زيادة الإنتاجية باستخدام الخوارزميات المتقدمة والتحليلات التنبؤية، خصوصاً مع قدرة الذكاء الاصطناعي على أتمتة العديد من المهام الروتينية، مُتيحاً للبشر إمكانية التركيز على الأنشطة الأكثر استراتيجية.
مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وتبني الذكاء الاصطناعي
إيماناً منها بأهمية الدور المحوري للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وضعت المؤسَّسة أهدافاً متكاملة تحمل في غاياتها الرئيسة تطوير جوانب المعرفة والتنمية والابتكار، وعملت على تحقيقها من خلال العديد من مبادراتها الرامية إلى تطوير المهارات الرقمية، وتعزيز الابتكار والسياسات الحكومية.
من ناحية أخرى، تُقدم “قمَّة المعرفة”، الحدث المعرفي السنوي الأبرز في المنطقة، والذي تنظِّمه المؤسَّسة؛ رؤى داعمة للتوجهات الحديثة المتعلقة بالتكنولوجيا والاقتصاد المعرفي، حيث يلتقي الرواد من الخبراء وأصحاب القرار وواضعي السياسات، لتبادل الأفكار حول المستقبل المشترك، واستقراء القضايا الحاسمة في المعرفة والتنمية.
ومن جانب آخر، ترى مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة أنه لتحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي لا بد من الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وهو أحد الأهداف الرئيسية التي وضعتها وطورت منهجية عمل متكاملة لتطبيقها، إذ يمكن من خلال “مركز المعرفة الرقمي” التابع للمؤسَّسة تحسين القدرات التكنولوجية واستيعاب تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر.
تطوير المهارات
ولأن المستقبل يتطلب إعادة تأهيل القوى العاملة لمواكبة التغيرات التي يجلبها الذكاء الاصطناعي في كافة القطاعات، دأبت المؤسَّسة على إطلاق مبادرات وبرامج تدريبية لرفع مستوى المهارات وغيرها من القدرات المتقدمة على امتداد المنطقة، وأبرزها مبادرة “مهارات المستقبل للجميع”، التي أطلقتها المؤسَّسة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع منصة “كورسيرا”، والتي اتخذت شكلاً أوسع أخيراً، تمثَّل في مشروع “أكاديمية مهارات المستقبل”.
وهي الأكاديمية التي تطمح للوصول إلى أعداد أكبر من المتعلمين الشباب على امتداد المنطقة العربية. ولا شك في أن انعقاد الاجتماع الأول لـ “التحالف العالمي لتنمية وتطوير المهارات” خلال قمَّة المعرفة 2024 سيمنح الأكاديمية زخماً أكبر، وسيكون له أثر إيجابي ملموس في تطوير المهارات الرقمية للأجيال الحالية والمستقبلية.